مدى صحة مقولة دعوة أربعين غريبًا مستجابة - مصر النهاردة

القاهرة 24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع مصر النهاردة نقدم لكم اليوم مدى صحة مقولة دعوة أربعين غريبًا مستجابة - مصر النهاردة

قالت دار الإفتاء المصرية، إن الدعاء عبادة مستحبة؛ لِما فيها من التضرع والتذلل والافتقار إلى الله تعالى، وقد حثَّنا الله تعالى عليها فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، وقال أيضًا عزَّ وجلَّ: ﴿ٱ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55].

واستشهدت الإفتاء بما ورد في السنة النبوية المطهرة بيان فضل الدعاء؛ فعن سيدنا النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ»، ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] أخرجه الأربعة في "سننهم".

الإفتاء توضح مدى صحة ما يقال من أن دعوة أربعين غريبًا مجابة

أولًا: أن هذه المقولة المسؤول عنها (دعوة أربعين غريبًا مجابة) ليست حديثًا نبويًّا، وإنما هو ممَّا شاع على ألسنة الناس واشتُهر، ولم نقف عليه في كتب السنة بهذا اللفظ، إلا أنَّ معناه ثابتٌ في حديث سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَسْرَعَ الدُّعَاءِ إِجَابَةً؛ دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ» رواه أبو داود والترمذي في "سننيهما".

قال الإمام المظهري في "المفاتيح شرح المصابيح": [قوله: "إنَّ أسرعَ الدعاءِ إجابةً دعوةُ غائبٍ لغائبٍ"؛ يعني: إذا دعا أحدٌ لغائب يُستجابُ دعاؤه له؛ لأنه بعيدٌ عن الرياء والطمع، بل لا يدعو غائبٌ لغائب إلا خالصًا لله، وما كان خالصًا لله يكون مقبولًا].

الدعاء

ثانيًا: الدعاء للغير مشروع، وهو أشد تأكيدًا وأرجى في القبول إذا كان بظهر الغيب؛ أي في غيبة المدعو له؛ لأنه أبلغ في الإخلاص؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم": [وفي هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا لجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضًا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة؛ لأنها تستجاب ويحصل له مثله].

ويضاف إلى ذلك ما جاء في "شرح سنن أبي داود" للإمام بدر الدين العيني: [قوله: «بظهر الغيب» أي: في سرّه وبغير حضوره، كأنه من وراء معرفته ومعرفة الناس؛ لأنه دليل على إخلاص الدعاء له كمثل ما يجعله الإنسان وراء ظهره، ويسْتره عن أعين الناس].

جاء في "تاريخ علماء الأندلس" للقاضي ابن الفرضي الأندلسي عن عبد الله بن هُبَيْرة رحمه الله تعالى: [أن النّعمان بن عبد الله الحضرمي خرج إلى الأنْدَلُس غازيًا، فخرجت مشيعًا له، فلما هممنا بالانصراف قال: يا أبا هبيرة: ادْعُ لنَا رَحِمك الله في مغيبتنا بخَيْر، فإنّه بلغني: أنه ليس من دعوة أقمن أن تُجاب من دعوة غائب لِغائب].

ثالثًا: لم يرد في الشرع ما يدل على تقييد العدد بأربعين أو غيره كقيد لاستجابة الدعاء، وإنما مطلق الدعاء بظهر الغيب مستجاب إن شاء الله كما بينَّا سابقًا.

بالإضافة إلى ما سبق؛ فإن المطلوب من المسلم أن يهتم بإصلاح نفسه واجتناب موانع استجابة الدعاء؛ كأكل الحرام والظلم واستعجال الإجابة، أو الدعاء بظلم أو قطيعة رحم، وأن يتحين أوقات الاستجابة كثلث الليل الأخير، وبعد الصلاة المكتوبة، ويوم الجمعة، وعند فطر الصائم، وفي السجود، وأن يثق في فضل ربه ورحمته وأن يتيقن من الإجابة.

الخلاصة

واختتمت الإفتاء قائلة: "وبناءً على ذلك: فالدعاء للغير بظهر الغيب مستحب، بل ومستجاب إن شاء الله تعالى، إلا أنه لم يرد في الشرع ما يفيد تقييد الداعين بعددٍ معين، ولا بكونهم غرباء".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق